التناقض الداخلي

التناقض الداخلي: حفريات في قلب الإنسان "هناك في مكانٍ ما بداخلي رجل يصرخ، لا يريد أن يموت، ولا يريد أن يعيش، لكنه لا يستطيع أن يصمت أيضًا." بهذه الكلمات بدأ حديثه — لم يكن يتحدث إلى أحد، بل إلى صدى نفسه المتشظية. لقد جلس في العتمة، كمن يحفر نفقًا في جسده، لا ليهرب، بل ليجد من يسكن فيه حقًا. 1. البذرة الأولى للتناقض: عندما تعيش ذاتين في جسدٍ واحد منذ البدء، يولد الإنسان مخلوقًا مركبًا. لا يجري في عروقه دم فقط، بل أوامر متضادة: أن يحب وأن يكره، أن يُقبل وأن يهرب، أن يؤمن وأن يشك. العلم لم يغفل هذا. علم الأعصاب الحديث يؤكد أن قرارات الإنسان تُبنى في طبقات متضاربة من الدماغ: القشرة الجبهية (Frontal Cortex) تسعى للمنطق والتخطيط. بينما الجهاز الحوفي (Limbic System) يصرخ بالغرائز والانفعالات. والإنسان ليس هذا أو ذاك، بل الميدان الذي يتصارعان فيه. لكن ما يعجز العلم عن قياسه هو: ألم هذا الصراع. فالرجل الذي يستيقظ في الثالثة صباحًا مذعورًا، لأنه يحب امرأته ويشتهي غيرها، لا تعنيه الرسوم الدماغية… هو لا يريد تفسيرًا. هو يريد أن يعرف فقط: لماذا يُقسّمني داخلي إلى نصفين؟ 2. في قلب كل إنسا...