مقالة العنف والتسامح جدلية

 مقالة العنف والتسامح جدلية


العنف والتسامح

      

طرحة المشكلة :

العنف من الظواهر الاجتماعية التي لا يخلو منها أي مجتمع في مختلف الأزمنة، ويقصد به كل عمل يلحق أذًى بالآخرين سواء كان هذا الأذى ماديا أو معنويا، وبما أنه منع العدواني الانتقامي فإنه يستوجب معه استخدام القوة التي ينتهي الأمر بالسلط على الآخر، أو تنبيهه ـ على الأقل ـ وجود كراهية تجاهه، غير أن الجدل بين المفكرين والفلاسفة والسياسيين يمثل في مشروعية العنف، فمنهم من اعتبره واضحا موضحا لها طبيعيتها، ومنهم من رأى فيه وقفا مرضيا سلبيا إلا نهائيا من العنف الإيجابي و مضاعفته، وهذا وذاك وجب طرح الإشكالية التالية : هل العنف الطبيعي للمشروعة يمكن تبريرها كظاهرة إنسانية ؟ أم إنهاء مرضي النهائي يفقد كل مشرفته ومشروعه ؟

محاولة حل المشكلة :

النقطة الأولى:

ويرى العديد من الفلاسفة أن القوة المدنية المعتدلة التي تصاحب العنف في مشروع ليبرالايا لوجودها فيها، فمنذ بدأت الإنسانية بدأت الصراع وهذا ما اعتبرهم على أن العنف يعني الحياة إذ تتعذر سيرورتها من دونه، ويذهب أنصار هذا الطرح للتأكيد على فكرة أهميتها أنها موجودة معًا من البداية، الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية لإنشاء مشروع من أجل البقاء، فالعنف هو حركة العالم الأصلية وإثبات الذات بل هو أداة شرعية شركة من أجل استرجاع الحقوق المغتصبة والتخلي عن فكرة الصراع في حياة الإنسان هو التعبير عن الضعف والرضوخ للآخر، ومن تم فالعنف عند أول قوة خلاقة كونه رد فعل طبيعي يلجأ إلى حيث قصد الدفاع عن ليوم من أجل الحفاظ على بقائه، ومن بين الفلاسفة القائلين بهذا الطرح في الفلسفة اليونانية الفيلسوف هيراقليطس، وهذا الأخير يعتبر العنف إيجابي ومحرك للعالم، فقد شدد على أن العنف أصل كل الأشياء و هو ما يتجلى من خلال القول : " قتال أبو سائر الأشياء " ، إن العنف في النظر هيراقليطس خصوبة يولد الحياة والموت على حد سواء كي تستمر الحياة ، وهذا ما شدده في تعبير : " العنف الأصلي العلم ومحركه فلا شيء يأتي من اللاشيء فلكي تكون الأشياء لا بد من نفي الأشياء وتحطيمه، فالقتال هو ظابو وسائر الأشياء وملك كل شيء والعنف خصوبة ولكنه أيضا موت يشمل الحياة، والأشياء تعرف بأضدادها آلا ترى أن الحياة تولد في رحم الموت ؟ "، ويقول أيضا : 

" صراع الأضداد طبيعي قانوناً ، بمقتضى أن يقرروا أن لا يجتمعوا ، وبحكم أن يصبحوا مثله وينفر من ضده " .

ووافقه في هذا طرح الفيزيونولوجيين ومن بينهم "كالكاس" حيث أشير إلى أنه إذا ما كان العنف هو المسيطر في الطبيعة فيجب أن يجب أن يتولى على حياة الأشخاص، وإذا كان قانون الطبيعة هو "البقاء للأقوى" وكان الإنسان من جزء هذا الوجود فلما لا يطبق هذا القانون ؟ فاللبؤة مثلا تقتل أحد صغارها إذا ولد بعاهة لأن ذلك الشبل سوف يجد نفسه يوما ما غير قادر على إصطياد الفريسة فيكون له أثرا سلبيا على مملكة الغاب، حيث يقول : "العنف والقوة مصدر كل سلطة إذا كان قويا في النتيجة هو الذي يمكن من العدل أن ويكون الأمر كذلك في المجتمع الإنساني فيكون اللبؤة خارجيها الصغير إذا ولد بعاهة الحرم الجامعي مفتوح على الصراع من أجل البقاء للقوي آكل ضعيف ، وكذلك في المجتمع الإنسان من العدل أن يكون الأقوى فيه هو المتفوق و صاحب السلطة " .

و في الحتمية الطبيعية نجد إنجلز تقدمهم مجموعة من المبرات التي تجعل من العنف عملا مشروعا، تغير لواقع الإنسان وتحرره من كل أوبداد الإستبداد والإستغلال، وفي هذا يقول جون جاك روسو : " العنف مادية مادام تتصل في وجه الإضطهاد والظلم ومن حيث أنها وسيلة هناك إعادة الحقوق المغتصبة إلى أصحابها، ولحقيقة العدالة بدل الظلم "، فالعنف في نظر روسو وسيلة ضرورية بالرغم من أنها فعل ذلك إلا أنها من أجل غاية سامية، وألزمت تطلب تقتضي ممارسته، ووافقه في هذا الطرح المفكر الإيطالي كتاب الأمير : ميكيافيلي ، الذي يرى في ممارسة سياسة الحيوان والسلطة ووظيفة ممارسة العنف لأنه أساس القوة ولا يمكن أن يختار نفسه على غيرها دون قوة العنف، سواء تعلق الأمر بالمجتمع أو المجتمع، كما يعتبره ضروريًا لتحقيق الاستقرار في الحكم في القرن السادس عشر، يقول ميكيافيلي : " العنف هو الحالة الأساسية التي تمكن من أن جاز أي مشروع خاص في مجال الحكم "، إضافة إلى هؤلاء الفلاسفة شدد المفكر الألماني فريدريك نيتشه على القوة والعنف هما الأساس في البقاء البشري إذ لا مجال للتسامح والأخلاق في حياة الإنسان، لأن الأخلاق من صنع الضعفاء طبقوها جيداً ويردون من طائفة الأقوياء، أي من يملك القوة يملك الحق، إذ يقول نيتشه: "العنف سلاح طبيعي مناسب للصراع من أجل البقاء".

إنزدواجية الأنا تحقق ألف في صراع لأن طبيعة الإنسان تتميز بالأنانية واستمرارية التميز يجب إقصاء الآخر الذي يحد من وجودها، لأن حقيقة الإنسان يتشكل من تركيبات سيكوسوسيولوجية لأجناس متباينة، ماي جعل الإنسان على حد تعبير توماسز: "ذئب لأخيه الإنسان"، وعلى حد تعبير نيتشه ، لا يمكن أن يتقبل العنف إلا بالعنف، ومن ثم فإن طلب التسامح لا يعدو أن يكون سوى مجرد عقيدة للعبيد والضعفاء، الذين نجحوا في الإرادة للانتقام على الانتقام، وهو مؤشر على العجز والإنحطاط، ومظهر من مظاهر الخنوع والترويض والإستكانة، علاوة على ذلك تخلص من مبلغ كبير من المهانة والاحتقار للكرامة الإنسانية .

وقد شدد فريدريك إنحلز على أن العنف هو أساس البناء و التحرر، فالظروف التي عاشتها العمل الثقافي في ظل الاقتصاد الرأسمالي تميزت بالقمع لأن العامل كان يشعر بالغرب في عمله وهو ما يؤيد الثورة من أجل تغيير النظام وتحقيق العدالة الاجتماعية، وهذا يعني أنه لا يمكن فهم العنف إلا من الجانب السلبي بل هو وسيلة من أجل غاية سامية، على الرغم من أنه يسبب الهدم والجماعة إلا أنه في نظره يولد مجتمعا جديدا وذلك عن طريق تصحيح الواقع المتردي لبناء مجتمع يتأصل فيه قيم العدالة والمساواة، وبصورة تتوافق أكثر مع قيم الخير والعدل والمساواة في الحياة من خلال النظام السياسي السياسي الإشتراكي ، فأمام العنف الاجتماعي المقنع (اللامساواة الاجتماعية ، الشعوبية و اللاعدل ، و الاضطهاد ، ابداد ، والتعسف) يوجد عنف مضاد عادل هو التمييز الإيجابي الذي يهدف الى التخفيف من الضعف السلطة من استبعاد الشعوب ، فالثورة الأصلية في أسسها رئيسها أمام الاضطهاد و الظلم حيث استرجع الحق المسبب وتحقق العدل . وهذا مايتفق معه كارل ماركس، إذ تؤمن الماركسية بفكرة أن التغيير في النظام الاجتماعي لا يكون إلا العنف والصراع آشبسي لكسر آشبسية والاستغلال وهذا مايؤكده ماركس الفرنسيين : "الرجال يأخذون تاريخهم بأيديهم من خلال الصراع" 

والنزاع " .

ومن ثم تحللت نجد عالم النفس سيغموند فرويد الذي يرى أن طبيعة الإنسان الأنانية تقتضي إستعمال العنف من أجل إثبات الذات، وقد وصل الأمر إليه أيضا لقتل نفسه بالإنتحار تعبيرا عن رفضه للواقع الذي يضغط عليه، أو هروبا واستسلاما له، حيث شدد على أن الف د تحكمه نزع الحياة ( إيروس ) و نزع الموت ( تيناطوس ) ، أول تنزع نحو الحفاظ على الذات ، تنزع عادة تنزع نحو حياة إرجاع الحياة إلى السكون ، هذا ما نرفضه العدواني لأنه المشاهير إلى التملك ، فرض السلطة ، البقاء و تلبية كل الرغبات ، لكن تجد بنفسه لصالحعا لقيد إسمه الأطراف و آخر إسمه الموت، هذا ما يحدث له الكبت و الحق على كل من وقف ضد رغباته، يقول فرويد : "ليس الإنسان قطعا ذلك الذي الطيب والذي أخله أنه يدافع عن نفسه عندما يشترك بل هو العكس من ذلك الكائن يتحتم" عليه أن يضع في حساب مؤشره الغريزية نصيبا كبيرا من العدوانية "، إذا كان العنف في نظر فرويد هو قصد عدواني الهدف منه الدفاع عن النفس وإثباث الذات ونفس الآخر الذي يكرهه الذات ويتحقد عليه، ويؤكد فرويد على أنه لا يوجد سوى كل مظاهر العنف تعود إلى النفس والنفس شخصياً، وهذا يعني أن العنف يعتبر من مقومات بشرية، ومصدر للتحكماته، فهو ميل طبيعي في الإنسان حسبه، مثله مثل باقي الحيوانات، لأن الحياة برأيه صراع بين غريزة الحياة والبناء وغريزة الموت والفناء كما أشرنا من قبل، وفي حديثه عن مسألة الكبت ترى أن الضغط الاجتماعي يتحول نفسيا إلى كبت لا يشعر لدى الفرد ليعود متى أتاحت له الفرصة في السيطرة على العدوان ( العنف ) ضد كل ما يمكن اعتباره مسؤولا عن معاناته ليلتهم .

النقد النقدي :

لكن إذا ما عالجنا الأمور بمثل هذا الطرح العنف لا يقابله إلا العنف ولا يولد إلا الدمار والفساد وليس إصلاح للأمور، وبالتالي هنا يحطم العلاقات الاجتماعية، وينشر العداء والضغينة، وأهم من أهمية وضع هؤلاء لا ولكن يمكن التصديق بما ذهبوا إليه، فالحقيقة أن فكرة العنف و جدت في المجتمعات البدائية و لا توافق مع صفة الإنسان المتطور، وهو تعبير عن جريمة غير إنسانية، وقد أتبث أن الحيوانات تستخدمه من أجل حاجة بيولوجية ويمكن أن يستعمله ؟ إذ لا يمكن إخضاع الحيوان التعاون لقانون يحكم مادام منفردا بملكة الأعضاء، بل إن الدراسات التي قام بها العالم النفسي فروم، حيث أنه حتى ليس عدوانيا إلا في لحظة البحث عن الغداء أو مواجهة خطر خارجي ثم يتنازل عن قيمه الإنسانية إلى مستقلي، ثم إذا كان الحيوان عند الحيوانات له مشرفه ويعطيه المشروعية فإن ذلك لا ينطبق على مجتمعات الإنسانية، فالات الكائنات الحية غير العاقلة تفتقد إلى اكتساب القدرة على العنف بطرق سلمية، وإذا كان العنف في المجتمع غرايزة دفاعية للآمن على البقاء فهو في الإنسان أداة سلاح، فالطبيعة إنسانية تؤكد على اللاعنف و السلم ، و لهذا شرعت القوانين و تعلمت من الحروب كيف تحافظ على الأمن والسلم ، ثم إن العنف لا يولد إلا العنف و هذا ما يعني الصراع الدائم بين الآخرين الذين نتشارك معهم الحياة وعدم الاعتراف به .

الموقع الثاني :

من هذا المنطلق يرى تخطيط مغاير وجمهرة من الفلاسفة أن العنف قوة هذه السمة بالأساس، لأنه كما أشرنا توقف التحكم للفرد ولآخرين أيضا، لأنه يحرمه من الطمأنينة والراحة النفسية في فقدان الثقة به بنفسه ويختل المطبخه، كما يفقد احترام الآخرين له، فالعنف يقضي على الغير من خلال تجربة الأذى بهم كاحتقارهم وعبادتهم الباردة على فصل دورهم في الحياة، وخير دليل تاريخ الإنسان المليئ بالصراعات والحروب والقتال وعلاء الضعفاء، ويذهب أنصار هذا الطرح للتأكيد على فكرة جوهرها أنه ينبغي مقابلة العنف بالتسامح كفضيلة مستقلة قصيدة عن سمو الإنسان، وهي اقتراح لأخذ بمبدأ التسامح كقيمة منظمة عامة بين الناس، غايتها تحقيق التعايش والتفاهم بين بني الإنسان في إطار تقبل التنوع والتعدد الإيجابي، كل بميزاته، بلا إقصاء أو إلغاء، هذا الطرح وجد في الوقت الذي حدث فيه إقتباس أنه ينبغي أن يفكر في فكرة الحق و الصراع لأن العنف لا يولد إلا العنف كما لا تطفئ النار نارا، حيث يرى أنصار هذا المكان أن استخدام الليين والرفق والحكمة نتيجة التسامح بدلات عن العنف لا يعتبر أبدا ديباجاً ولا تتخذلا وجبنا، أثبت اعترافا عن وعي الذات للموقف ومباشرة السيئ سنة والشر بالخير وهذا دليل على تحكمها في المكان، ولنا في النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته أرقى الاتجاهات السلوكية لشخصية الشر بالخير، والتعامل بالرفق واللين، والتأليف بين القلوب بالحسنى، والارتقاء بالانسان إلى المحبة لأخيه الإنسان ما يحب لأنه فقد ناهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن استخدام العنف وحتى مبرر ولهذا ظاهر في أحاديثه وفعاله ، يقول صلى الله عليه وسلم: "من انضم إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه حتى ينزع، وإن كان أخاه لأبيه وأمه" رواه مسلم.

وقد كان صلى الله عليه وسلم رؤوفا ببرى الحروب والعبيد، وذلك ما يظهر في العديد من أقواله حيث يقول: "إن الله يحب الرفيق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ولا سواه"، وكذلك يقول: "من يحرم الرفق يحرم الخير كله" " ، فجنوح الإنسان إلى التسامح يعني قبول بالآخرين والاعتراف به، وهذا ماجاء في القرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وفضله على الخلق ولم يجد الشكر من أحد رغم وجود الطاغيناحدين لنعمه عليهم، لكن رحمة الله بعباده واسع من الرحمة إلام بإبنها، فالرحمة هي التسامح وعدم الإكراه، و يتجلى ذلك من خلال أكلة : " لا إكراه في الدين، قد رشد من البغي " (سورة البقرة - 256 -)، فالله عز وجل يدعو إلى التسامح وهذا الإنسان الذي يعادل لا شيء مقارنة بحجم يدعو للعنف إلى هذا العنف غير المعقول ، و يظهر ذلك في تعبير عز وجل : "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و عدلهم بالتي هي أفضل ، إن ربك هو أعلم شخصيه ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين "،( سورة النحل128) ، وكذلك فيقول :(في سورة فصلت 34) " ولا تسوي الحسنة ولا سوء الدفع بالتي هي بعض الوقت الذي بينك وبينه عداوة تجاهه وليخيارات " .

وقد شدد رجي غارودي على فكرة الحوار الحضاري واعتماد التسامح والمحبة من أجل التعايش دون صراع ، و أرحب دوليا بفكرة المجتمع التسامح فخصص يوم 16 نوفمبر من كل سنة يوما ما للتسامح ، إذا فهو الوئام في ظل مختلف فلم لا فرقا تعاونا فقط اشتراكي وقانوني وهذا ما ورد في ديباجة بموجب إعلان التسامح الذي أقرت به في دورتها 28 في 16 /11/1995 تحت شعار " نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا في آيتان أن ننقذ الأجيال القادمة من ويلات الحرب ... وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للتحقيق وبكرامة الفردان وقدره وفي سبيل هذه الغاياتزمنا أن تأخذ آيات بالتسامح وأن تخصصات متباينة في السلام وحسن الجوار..." .

ولنا خير أيضًا في حياة غاندي وسيرته الذاتية وكفاحه، دليل عن ثقافة اللين ومقابلة الشر بالخير، ووزن الميزان بميزان العقل والحكمة عند الاختيار، بعيدًا عن الغريزية والتهور، يقول غاندي: " لأن اللاعنف هو قانون الجنس البشري، أما العنف فهو قانون 

بهيمة " .

وقد أكد ويل إيمان كانط على من يحتاج إلى اعتماد التسامح وفعل الخير في كتابه مشروع السلام الدائم، لأن الاستعداد في معتقده يقتضي ذلك حيث يقول : 

" خير إفعل الخير لأنه لأنه شرعي لأنه شر "، وهذا يعني أن نبيذ دين لا سيء من تأديته لمن يستحقه، فالتسامح هو قانوني مقدس لكل إنسان يجب أن يحاط بالاحترام نهائيا مطلقة بذاته، ويتفق برترند راسل مع طروحات إيمانويل كانط فمن خلال ميشته الحرب العالمية الأولى والثانية، يجب أن يفكر في فكرة الصراع والحرب لأن مواجهة العنف بالعنف يهدف إلى العنف لصالح وفتنة ضده، وإذا كان الإنسان كائنًا عاقلًا، يقول الحكمة والعقل يقول العمل بالتسامح، في ذلك برترند راسل : " الشيء الذي يحرر البشر هو التعاون ، وأول خطوة فيه إنما تتم في قلوب الناس ، ويعينني على الخير بنفسه ، وبالتالي أن يتمنى الخير للناس " . فبالتعاون بين الأفراد يتم القضاء على العنف وذلك بعد تصفية القلوب من الأحقاد نتيجة وعيهم بهذه الحقيقة وأولها، أن من طبيعة الإنسان الخطأ ولكن سرعان ما مايندم فيعود ويصلح مافعله .

 اقترنت فكرة التسامح للبحث أيضا بفيلسوف عصر الأنوارفيلر، فشاركت فيها ودافعت عنها بقوة، معتبرة أنه في حين لا يملك الإنسان أفكارا سليمة عمّا هو إلهيّ فإنّ أوهاماً لعدم تحلّ مكانها، فقد مجّدت الاختلاف والتسامح من خلال جملته الشهيرة : " قد لا أتفق معك، ولكني سوف أدفع دمي ثمناً لحنك في الكلام "، هذا و يرى أن التسامح ينبع من الضعف والخطأ البشريين. فبما أن لا أحد منا يفتخر بالمعرفة الكاملة ، وبما أننا جميعا ضعفاء ومختلفون مقروءون للتشويش والخطأ ، يجب على كل منا أن يسامح الآخر على صريحه ، لذلك تشارك برازيلي على التسامح على مستوى التفاعل الشخصي وينطوي على خطر نحو التشكيك الأخلاقي والنسبية للصراحة ، كما ساهم فولتير في كتابه " مقالة في التسامح أنه ينبغي أن ينظر إلى العنف في كل المجالات ووجه أخص في مجال الدين و العقيدة وفي ذلك يقول : " إننا أبناء من نفس الأب و مخلوقات من نفس الإله ، و إننا عجين من النقائص و سبب ، إذن فلنتسامح فيما يتعلق بيننا " .

وقد دافع عن التسامح الفلاسفة الليبراليون والمنظرون السياسيون مثل جون ديوي وكارل بوبر ومايكل والزر وغيرهم، ففي القرن العشرين أصبح التسامح عنصرا هاما من عناصر ما يعرف في الوقت الحاضر باسم الليبرالية، فالتاريخ الدموي للقرن ساهم في اشتراكين إلى المصطلح هناك حاجة إلى التسامح المشترك العنف واليميني. 

النقد النقدي :

 لكن تاريخ الإنسان تاريخ اغتصاب الحقوق، لهذا من الطبيعي ان يواجه ذلك بالعنف كنوع من الدفاع عن النفس والحق كما أن تاريخ الثورات في العلم بدأ بطرق سليمة كالأحزاب الديمقراطية لكن هذا نجح ولم ينجح فاعتمد أسلوب ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة مثل: الثورة الجزائرية. كما أن الواقع يكشف لنا أن الديمقراطية هم من شنوا الحرب في العالم ورأسها الو. م . أ ، كذلك عبرت بعض الدراسات المعاصرة أنها لم تتمكن من الوصول إلى منطقة القوة لأن الأخلاق من صنع الضعفاء وظفوها وتطلبوا أن يبيعوا من الضعفاء .

 تركيب :

إن التقريب بين هذه النظرة المتعارضة ممكن في أحوال كثيرة منها : أن التمييز لا يمثل وسيلة وحيدة، بل إن وجوده يكون في مرتبة أخيرة بعد سلسلة من الخيارات السلمية، كما أن عدم استخدام العنف في استرجاع الاعتراف أو الحقوق المغتصبة هو بداية لضياعها، وأن نحترم إنسانية الإنسان باللاعنف ليس أمرا هتميا على أي شخص طوعي إذا كان هذا الخير سيسير بمقتضى خلفيات عقائدية أو إيديولوجية تبرر القتل والتدمير على نحو ما يجري في اليهود للتحكم بسمائهم شعب الله المختار ، ( إضافة الرأي العام )

حل المشكلة :

في الأخير يمكن أن يقترح أن الإنسان عنف من أجل البقاء في مرحلة ما على الرغم من الظروف على ذلك، لكن التحولات التي عرفها الإنسان أصبحت أكثر استعداداً للتنظيم والحضارة مما يعني أنه يميل إلى فكرة الصراع، ومن ذلك الإيمان بفكرة التسامح والحوار الحضاري. هذا كله لا تخدم الفرد فقط بل خدمة المجتمع الدولي الذي يهدف إلى مشروع المشروع الكوني الذي يتم حظره لإلغاء كل الحدود وكل أسباب التعصب، لكن حكمة الإنسان وعظمته توقفت عن الموافقة على اختيارها في الأصل، في مواجهة العنف بالعنف واللاتسامح بالتسامح، وتسعى في المجال مصطلحات تهذب التناقضات ، والصراع بين المتناقضات كمقاربات للتكيف .

 الأستاذ أنور صبحي



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"مأساة صبايحي وجدي وصبايحي خالد في سطيف: عندما يُسقط العنف آخر أقنعة الإنسان"

ما معنى الحياة

الوعي ليس سرًا ميتافيزيقيًا: الإنسان امتداد مادي للكون"