"العالم مسرح عبثي.. والترند هو البطل"
"العالم مسرح عبثي.. والترند هو البطل"
في عالمنا المعاصر، حيث تتراقص الأخبار على إيقاع "الترند"، يبدو أن البشرية قد أتقنت فن العبثية بامتياز. فبينما تتساقط القنابل على غزة، ويُحاصر سكانها بين الحياة والموت، ينشغل العالم الافتراضي بمباريات كرة القدم وأحدث صيحات الموضة. وكأن مأساة شعب بأكمله مجرد فقرة جانبية في مسرحية هزلية.
في زاوية أخرى من المسرح العالمي، يُحتفى بانتخابات هنا وتنصيب زعيم هناك، بينما تتجاهل الأضواء معاناة اللاجئين وتفاقم الأزمات الإنسانية. وكأن العالم قد قرر أن يضع على عينيه نظارات الواقع الافتراضي، حيث يمكنه ببساطة تغيير القناة عند ظهور مشهد لا يروق له.
أما على منصات التواصل الاجتماعي، فالحياة تسير بوتيرة مختلفة. هنا، يُقاس الاهتمام بعدد "الإعجابات" و"المشاركات"، وتُحدد القضايا المهمة بناءً على "الترند". فقد يصبح فيديو لقطة تلعب أكثر أهمية من تقرير عن كارثة إنسانية. وفي هذا العالم الموازي، يبدو أن السخافة قد أصبحت العملة الرائجة.
وفي خضم هذا العبث، يبرز سؤال وجودي: هل فقدنا قدرتنا على التمييز بين ما هو جوهري وما هو تافه؟ أم أننا ببساطة اخترنا الهروب إلى عوالم افتراضية تُبعدنا عن قسوة الواقع؟ ربما يكون الجواب مزيجًا من الاثنين، حيث نُفضل الانغماس في توافه الأمور لتجنب مواجهة الحقائق المرة.
في النهاية، يبدو أن العالم قد تحول إلى مسرحية عبثية، حيث تتداخل المآسي مع الملهاة، ويُصبح التفاهة هي البطل الرئيسي. وفي هذا السياق، يظل السؤال معلقًا: هل سنستيقظ يومًا ما من هذا الحلم السخيف، أم أننا سنستمر في الرقص على إيقاع "الترند" حتى النهاية؟
عزالدين خليل

تعليقات
إرسال تعليق